الأفروسنتريك ومحولات لسرقة الحضارة المصرية - المركزية الافريقية خطر قادم على مصر
أفكار الأفرووسنتريك " المركزية الافريقية " وأهدافها
المقدمة
انتشرت في
الآونة الأخيرة في وسائل الإعلام ووسائل التواصُل الاجتماعي، أخبار هُنا وهُناك عن
الأفروسنتريك
وليس ببعيد ففي
العام الماضي في شهر يوليو 2023م
قامت في مصر ضجة
كبرى بسبب حفل مغنّي الرَّاب
تِرافس اسكوت
ولم تهدأ تلك
الضجة إلا بعد الغاء الحفلة
فما سبب الغاء
تلك الحفلة
وما علاقة تِرافس
اسكوت ب الأفروسنتريك
وما سبب غضب
المصريين من حركة الأفروسنتريك
وما مضمون أفكار
الأفروسنتريك
في خلال السطور القليلة القادمة
سوف نلقي الضوء
بشكل سريع على كل تلك التساؤلات
جذور الأفروسنتريك " المركزية الافريقية "
تعود جذورُ قصة الأفروسنتريك إلى حركة الكشوف الجغرافية
في بدايات القرن
السادس عشر الميلادي
عندما وصلت أوروبا على يد البرتغاليين إلى سواحل
افريقيا
وما تلا ذلك من
نهب ثروات القارة الافريقية
ولم يكتف
الإنسان الأوروبي بنهب الثروات
ولكن كذلك نهب
الإنسان الافريقي عندما تم جلب الأفارقة إلى أوروبا والعالم الجديد
وبيعهم كعبيد
للعمل في المَزارع والمصانع
ولا شك أن أي
انسان يرفض تلك الممارسات الوحشية للإنسان الأوروبي الغربي الأبيض ضد الإنسان
الافريقي الأسود
ونتعاطف جميعاً مع أي انسان مرَّ بتلك التجربة المريرة
تطور الأفروسنتريك
مرت السنوات والقرون حتى القرن التاسع عشر
الميلادي
والحرب
الأهلية الأمريكية التي انتهت في عام 1865 باستسلام القوات الجنوبية أو الكونفدرالية لجيش
الاتحاد،
وتم
إلغاء العبودية رسميا عن طريق التعديل الدستوري في ذلك العام
وها
نحن قد وصنا إلى الستينات والسبعينات من
القرن العشرين
:
في تلك الفترة ، شهدت حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة
ارتفاعًا كبيرًا في الوعي الثقافي بين الأمريكيين الأفارقة.
وبرز مفكرون مثل مالكولم إكس ومارتن لوثر
كينغ جونيور الذين دعوا إلى إعادة النظر في التاريخ الأفريقي وتراثه.
في
مُحاولة لإثبات أن الحضارة الأوروبية ذات الجذور الرومانية واليونانية ليست هي
الوحيدة وليست هي الأفضل
وليس
الإنسان الأوروبي الأبيض هو الأفضل
وأن
الأفارقة أصحاب حضارات أفضل وليسوا عبيداً
ولكن
ماهي الحضارة الزاهرة العريقة الضاربة في جذور التاريخ
والتي
كانت تسود العالم
ماهي
الحضارة التي من الممكن أن ننتمى اليها نحن الأفارقة
لِنُثبت
للعالم الأبيض
أن
الأفارقة السّود أفضل وأرقى حضارياً
ليس
هناك إلاَّ الحضارة المصرية الفرعونية
ولِمَ
لا
فلنُحاول
إذا نحن الأفارقة أن نثبت أن حضارة مصر
نحن
الأفارقة أصحابها وليس المصريون
هيّا
بِنا نملاُ الدنيا صُراخاً ونزعمُ ونكرّر أن حضارة مصر
هي
حضارتنا
وأن
المصريين الذين يعيشون على أرض مصر حالياً
ليسوا
مصريين
إنّما
هم عرب مستعمرون لأرض مصر
والآن نحن
في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين
انتشرت
الأفروسنتريك بشكل أكبر، وبدأ الأكاديميون في الجامعات في تبني هذا النهج.
نَشَرَ عدد من
الباحثين كتبًا ودراسات تعيد تقييم دور الأفارقة في الحضارات القديمة، مثل حضارة
وادي النيل.
و توسعت
الأفروسنتريك لتشمل جوانب ثقافية وسياسية واجتماعية، وأصبحت جزءًا من المناهج
التعليمية في بعض الجامعات والمدارس.
أبرز عَرّابي
الأفروسنتريك
السنغالي الشّيخُ أنْتَا دِيوب
إنضم الشّيخُ
أنْتَا دِيوب إلى قسم الفلسفة في جامعة السوربون التي حصل منها على الإجازة عام
1948، وسجل في العام التالي لتحضير أطروحة
للدكتوراه بعنوان "المستقبل الثقافي للفكر الأفريقي" بإشراف الفيلسوف
غاستون باشلار.
وبحلول عام 1951
سجل لموضوع أطروحة ثانوي بعنوان "من هم المصريون القدماء قبل عهد
الأسر؟"، تحت إشراف عالِم الأعراق مارسِل غِريول.
وواظب خلال هذه
المرحلة على محاضرات غاستون باشلار ومارسيل غريول، كما واصل أبحاثه اللسانية
المتعلقة بلغتي الولفية والسيرير المُستعملتين في السنغال.
وبسبب جرأة
موضوع أطروحته وخروجها عن مسلمات عصره ،
لا سيما بشأن الأصول السوداء للحضارة المصرية تعذَّر انعقاد لجنة لمناقشتها،
لكنه بادر عامْ 1954 إلى نشرها في كتابه
"الأمم الزنجية والثقافة"، الذي أحدث صدى واسعا بين احتفاء المثقفين
الأفارقة واعتراض وتحفُّظ علماء المصريات الأوروبيين.
إذاً خلاصة
القول
أن هذا الرجل
السنغالي يريد أن يقول
أن الحضارة
المصرية
حضارةُ زنجية
افريقية
وقبْلَ
الاسترسال
أُوجِّه سؤالاً
بسيطاً للشيخ أنتا ديوب وأمثالَه من الأفارقة
لماذا لم تقوموا ببناء الحضارة الفرعونية في بلادكم ؟
لماذا وكيفَ جئتم
إلى مصر وبنيتم الحضارة الفرعونية عندنا في مصر ؟
والآن نأتى إلى الّرَدُّ
المصري على تلك التفاهات والخخُزعبلات
الافريقية
حيث كان الرَّدُ
عملياً وعلمياً
وهو
مشروع "الجينوم المصري" عام 2021
دشنت مصر مشروع
"الجينوم المصري" عام 2021، وهو المشروع العلمي الأكبر في تاريخ مصر
الحديث،
ويهدف إلى دراسة وتحليل الجينوم البشري لسكان
مصر،
عن طريق جمع
عينات من الحمض النووي
من مُختلف
الأفراد في جميع أنحاء البلاد
وتحليلها لفهم
التركيبة الجينية للسكان المصريين بشكل أفضل.
دور الجينوم في مواجهة الأفروسينتريك
ولكن هل يمكن أن
يلعب مشروع الجينوم المصري دورا في مواجهة حملات "الأفروسنتريك"
التي تنسب حضارة
المصريين القدماء إلى شعوب وسط وغرب إفريقيا؟
هذا ما تُحاول
السطور التالية الإجابة عنه.
حملات
الأفروسنتريك غالبًا ما تدَّعي أن المصريين القدماء كانوا أفارقة من سود البشرة،
وأن الحضارة المصرية هي جزء من التراث الإفريقي بشكل أساسي،
بينما يُعتبر
مشروع الجينوم المصري
أداة علمية
يمكنها تقديم بيانات دقيقة حول التركيبة الجينية للمصريين القدماء والمعاصرين،
وبالتالي يمكنه
توفير أدلة علمية حول الأصول الجينية للسكان في مصر عبر التاريخ.
إجابات مبنية على العلم
مشروع
الجينوم المصري قد يلعب دورا في مواجهة الادعاءات التي تروجها حملات الأفروسنتريك،
من خلال تقديم
بيانات علمية ورؤية أوضح لتاريخ السكان في مصر،
وتقديممُ إجابات دقيقة مبنية على الأدلة العلمية.
دراسات سابقة
و هناك دراسة
للحمض النووي الخاص بالأسرة الثامنة عشرة للملك توت عنخ آمون،
أثبتت ارتباطها بالمصريين المعاصرين بنسبة
88.6%،
وهي نسبة كبيرة
جدا تثبت ارتباط المصريين المعاصرين مع أجدادهم من المصريين القدماء بشكل قاطع.
كذلك فإنَّ هناك
دراسة متخصصة بعلم الجينوم صدرت عن معهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري في أَلمانيا
عام 2017 ميلاديّة
وهي الدراسة
التي كشفت أن الصِّلات الوراثية بين المصريين القدماء والأفارقة جنوب الصحراء
الكبرى "ضئيلة للغاية".
الدراسة
الألمانية قامت على فحص الخريطة الجينية لعدد 90 مومياء من موقع أبو صِير على بُعد
نحو 115 كيلومتراً جنوب القاهرة، وأظهر الجينوم أن الصلة الجينية للمصريين القدماء
بشعوب إفريقيا جنوب الصحراء تتراوح بين محدُودة ومنعدمة.
تطابُق لون البشرة والهيكل العظمي والجمجمة مع القدماء
أوضح التشريح
المُقارن والبيولوجيا الجُزيئِية بأحد التقارير في جامعة السويس أن لون البشرة
للمصريين القدماء هو نَفْس لون البشرة للشعب المصرى حاليا، بجانب دراسة أجريت في
جامعة قناة السويس أثبتت أن المصري الحالي مطابق للهيكل والأطراف والجُمجُمة والعُمودُ
الفقْري
والمُنحنيات للمصريين القدماء".
لكى الله يامصر