كود 2 كود 3 عمر مكرم ومحمد على l شخصيات غيَّرت مسار التاريخ المصري - أصل الحكاية كود 4 كود 5

الجديد

عمر مكرم ومحمد على l شخصيات غيَّرت مسار التاريخ المصري - أصل الحكاية

 

عمر مكرم المناضل المصري


عمر مكرم ومحمد على l  شخصيات غيَّرت مسار التاريخ المصري - أصل الحكاية 


عمر مكرم ومحمد على طرفي نقيض غيّرا وجه التاريخ في مصر

 

في مدخل مدينة أسيوط يقف تمثاله بكل شموخ وكبرياء ، وفي أكبر وأشهر ميادين القاهرة

سوف تجد اسمه على مسجد من أشهر مساجد مصر والقاهرة ، إنه الصعيدي الذي تولى الزعامة الشعبيّة في فترة من أهم فترات التاريخ المصري ، والتي شكلت حياة مصر السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لمدة قرن ونصف ، بداية من عام 1805م، ذلك العام الذي تولى فيه محمد علي حكم مصر بترشيح وتأييد من عمر مكرم.

لخص عمر مكرم ذكاءه السياسي وفهمه للأحوال السياسيّة عندما كان يُقنع بقية الزعامات الشعبيّة بأن يتولى محمد علي الحكم بقوله  "لا بد من تعيين شخص من جنس القوم للولاية".

ويقصد عمر مكرم هنا ، أن مصر تحت الحكم العثماني ، وعندما قام المصريّون بثورة عام 1805م كانت ضد خورشيد باشا العثماني، وفساد ِفِرق الدلاه التي أرسلها السلطان لمساندة خورشيد باشا ، ولم تكن الثورة ضد الخلافة العثمانية ولا ضد الحكم العثماني .

ولذك أظهر ذكاءه وحكمته عندما رشذح محمد على وهو محسوب على العثمانيين ، لتولى حكم مصر ، حيث يرى البعض أنه كان من الممكن أن يتولى عمر مكرم نفسه حكم مصر ،

ولو فعل عمر مكرم ذلك لكانت الثورة هنا ضد الخلافة العثمانية ، وهو ما لم تكن الثقافة المجتمعيّة تتقبله في ذلك الوقت ، ولم يكن السلطان ليرضخ له.

ذلك هو عمر مكرم قائد الزعامة الشعبيّة الذي غيذر مسار التاريخ في مصر عندما رشح محمد على لحكم مصر .

تعال سويا في سياحة عقليّة لنعلم أصل الحكاية ، ولماذا اختار عمر مكرم محمد على حاكما لمصر خلفاً لخورشيد باشا ، والمواقف الكثيرة التي ساند فيها عمر مكرم محمد على ، وموقف محمد على من عمر مكرم الذي لخّص المقولة الشهيرة " لا صداقة دائمة ولا عداء دائم في السياسة " ,ان الذي يحكم السياسة هو المصلحة .

  

    لمتابعة أصل حكاية حركة على بك الكبير وحركته الانفصاليّة عن 

   الدولة العثمانيّة اضغط على الرابط التالي ( من هُنا


البداية

في التاسع من شهر أغسطس عام 1809م قرّر محمد على نفي عمر مكرم إلى دمياط ، بعد أن فشل في إخضاعه وإجباره على أن يتنازل عن عرض وتنفيذ رغبات ومطالب الجماهير الشعبيّة الخاصة بما كان ينتويه محمد على من فرض وضرائب وإصدار قوانين خاصة بملكيِّة الأراضي والحيازة الزراعيّة .

رفض عمر مكرم ما كان ينتويه محمد على وأصّر على أن بُنفِّذ محمد على ما اتفق عليه مع الزعامات الشعبيّة عند اتخاذ قرار تعيينه في دار الحكمة ، وهو أن لا يتخذ محمد على أي قرار إلا بعد الرجوع للزعامات الشعبيّة وموافقتها على ماينوى اتخاذه من قرارات.

وغادر عمر مكرم القاهرة منفياً إلى دمياط ، في الثاني عشر من  أغسطس عام  1809م ، ثمن وطنيته وقيامه بدوره كقائد للزعامات الشعبية ، وإصراره على التمسك بحقوق المصريين ومصالحهم ، وقبض جزء من العلماء المناوئين والكارهين لزعامة عمر مكرم الثمن ، وحلوا محله في مهامه ومناصبه.

 

في الطريق إلى منفاه في دمياط

أكاد أشعر بما شعر به الشيخ وهو في رحلته إلى منفاه ، من ظلم وقع عليه من محمد على ، وطعنة غدر ممن كان له عليه الفضل وأوصله إلى حكم مصر ، كذلك شعوره بالخيانة من بعض الزعامات الشعبية التي كرهت شهرته وزعامته .

وأكاد أتخيل ماتخيّله وهو في رحلته لمنفاه ، من مواقف مُتعدّدة وقفها إلى جانب محمد على حتى أصبح محمد على هو والي مصر وحاكم مصر ، في تجرية لم يسبق أى شعب عربي آخر إليها ، عندما تم عزل خورشيد باشا وتعيين محمد على بإرادة شعبيّة ، ورغماً عن السلطان العثماني ، وسجلها التاريخ سابقة في تاريخ مصر والعربي جعلت للشعب المصري الريادة السياسية عربياً .

      

     لمتابعة أصل حكاية المماليك البداية والنهاية اضغط على الرابط 

     التالي ( من هُنا

 

بداية الخلاف مع محمد على 

يتذكر الشيخ الجليل ونقيب الأشراف والزعيم الشعبي العام 1808م ، عندما حدث فيضان للنيل في ذلك العام ، وكان من نتيجة ذلك أن ساءت أحوال البلاد الاقتصاديّة ، ولكن محمد على يفكر في أمر آخر ، وهو فرض ضرائب على الناس ، وهذا ما لن يتحمله الناس في ضوء الفيضان وما أحدثه من خسائر.

يتذكر الشيخ الجليل استغاثة الناس بالعلماء لإعفائهم من الضرائب التي أثقلت كاهلهم ، وعندما توجه العلماء بطلب إلى محمد على بإلغاء الضرائب الجديدة وتخفيف القديم منها مراعاة لظروف الناس بسبب الفيضان .

ويتذكر الشيخ ردة فعل محمد على عندما استشاط غضباً من العلماء ، وهددهم بفضحهم أمام الناس ، وذكّرهم بأنه أعفى أراضيهم  من الضرائب الجديدة وفي الوقت نفسه كانوا هم  يحصلونها  من الفلاحين .

إتسعت الفجوة بين محمد على وعمر مكرم ، الذي أصّر على موقفه من ضرورة تراجع محمد علي عن فرض ضرائب جديد ، وكان يشعر أنه صاحب حق في مخاطبة محمد على بشدة ، حيث هوه صاحب الفضل في توليته وهذا ما اتفقا عليه عند تنصيبه.

أراد محمد علي أن يحتوي الشيخ النقيب ، فأرسل له  لكي يحضر إلى القلعة للتشاور لكن النقيب  رفض الذهاب إلى محمد على  قبل أن تتم رفع المظالم أولا، وتوالت الوساطات بين الوالي  والنقيب الشيخ ،  ولكن كان هناك من الزعامات التي تتدخل لإصلاح ذات البين  تسعى بينهما بالغيبة والنميمة ، وإثارة الفتنة بينهما ، حتى اتسعت الهوة بين الحاكم والشيخ النقيب الزعيم .

ومع إصرار الشيخ على الرفض أمر محمد على  بعزله ونفيه إلى دمياط، وتعيين السيد محمد السادات نقيباً  للأشراف ، وسجّل التاريخ قولته الشهيرة : "أما منصب النقابة فإنى راغب عنه زاهد، وليس فيه إلا التعب، وأما النفى فهو غاية مطلوبى".

ودخل محمد السادات في طاعة محمد على وخضع لأحكامه ، وهذا مارفضه عمر مكرم.

 

مواقف الشيخ النقيب الجليلة  مسانداً محمد علي

ينظر الشيخ النقيب إلى الأُفق ويدور بخَلده موقفه الذي سجله التاريخ عندما وقف ضد رغبة وإرادة السلطان وأًصرّ على أن يتولى محمد على الحكم وتم ذلك في دار الحكمة في اجتماع العلماء مع محمد على .


إنقاذ محمد على من ولاية جدة


تذكّر الشيخ النقيب أنه أنقذ محمد علي فرمان السلطان عام 1805م بنقله لولاية جدة عندما طلب ذلك خورشيد باشا والي مصر آنذاك ، وبفضل دعمه لمحمد علي لم يتم تنفيذ الفرمان السلطاني ، وإلا كان تغيّر مصير محمد على وتغيّر وجه التاريخ وكان محمد على مجرد والى على جدة وينساه التاريخ .

تعيين محمد على والياً على مصر

تذكّر الشيخ أنه بفضل منه أن تولى ذلك  الجندى الألباني  محمد على الأمر في مصر ، عندما اجتمع العلماء والنقباء والشيوخ في دار الحكمة في مايو من عام 1805م ، وقرّروا عزل خورشيد باشا الوالي العثماني ، وتعيين محمد على والياً على مصر ،  ولكن الذي لا يعلمه الشيخ الذي فارق دنيانا أن مصر  دانت لمحمد علي  وصارت ولاية وراثية لأولاده وأحفاده من بعده حتى عام 1952م .


الشيخ النقيب يواجه خورشيد باشا ويُنقذ محمد على


تذكّر الشيخ النقيب موقفه الصلب ووقوفه ضد خورشيد باشا الذي رفض تعيين محمد على ، وقرر محاربة محمد على ، بل وقاد الشيخ النقيب عمر مكرم المقاومة لصالح محمد على ، إلى أن جاء الأمر السلطاني بتثبيت محمد على والياً على مصر .

 

إرضاءاً لانجلترا فرمان سلطاني بنقله إلى ولاية سالونيك اليونانية والشيخ يُنقذه


غضبت انجلترا من السلطان الذي وافق على تعيين محمد على ، ولم ينس السلطان فضل انجلترا و ما فعلته بالأمس القريب عندما وقفت إلى جانبه حتى تم طرد الحملة الفرنسيّة من مصر ، كانت انجلترا قد طلبت من السلطان تعيين محمد بك الألفي أحد قادة المماليك وصديق انجلترا والياً على مصر ، أو أى أحد غير محمد على ، ولكن السلطان يخضع للزعامة الشعبيّة بقيادة الشيخ النقيب ويثبت محمد على برغم صدور الفرمان ، يتذكّر الشيخ النقيب ذلك وهو في رحلته إلى دمياط.


الشيخ النقيب يصُد حملة فريزر الإنجليزية ، ويحصد محمد على ثمار الانتصار

تذكّر الشيخ النقيب التي أرسلتها انجلترا إلى مصر بعد أن  غضبت من السلطان ، ونزلت الاسكندرية ووصلت إلى رشيد ثم مدينة الحمّاد ، وكيف نظم هوه بنفسه خطوط المقاومة الشعبيّة لحملة فريزر ، حيث كان محمد على وقتها مشغول بمطاردة المماليك في الصعيد

ونجح عمر مكرم والمقاومة الشعبيّة في زحزحة الحملة وعودتها إلى الاسكندرية ، ليأتي محمد على ويُحاصر الحملة حتى طلب فريزر الصُلح والجلاء عن الاسكندريّة . وحصد محمد على ثمار النصر الذي زرع بذوره الشيخ النقيب.

تذكّر الشيخ النقيب كل ذلك وهو يعتصر ألماً من طعنة الغدر من محمد على ، ومن زملائه العلماء والمشايخ الكارهين له ولشُهرته وزعامته التي توهجت بعد مافعله من مقاومة حملة فريزر .

محمد على يقرّر التخلُّص من الشيخ النقيب

منذ ذلك التاريخ وأدمر محمد على فى نفسه فكرة التخلُّص من الزعامة الشعبيّة بقيادة عمر مكرم ، وظلّ يتحيّن الفرصة حتى جاء فيضان 1808م ، واستغلها محمد على أفضل استغلال ، وتمكن من استغلال طمع بعض القيادات الشعبيّة ، وحقد البعض وكرهه للشيخ النقيب ،والتقت رغبة محمد على في التخلص من عمر مكرم مع أحقاد المشايخ وعدد من العلماء على ، حيث كان البعض يتنافس على الاقتراب من محمد على ، حتى  دبَّ التنافس والانقسام بين المشايخ حول المسائل المالية، والنظر في أوقاف الأزهر، وتولي المناصب وكما ذكرنا نجح في إبعاد عمر مكرم عن القاهرة ونفاه إلى دمياط .

وقد سجّل التاريخ  بعض المواقف المُحزنة لعدد من المشايخ ، ويأتي على رأسهم الشيخ  محمد المهدي ، الذي ذهب إلى محمد على صباح يوم رحيل النقيب ،  يطلب  منه المكافأة على نجاح المؤامرة ،  وطلب من محمد على أن يُسند له بعض  وظائف عمر مكرم  فأنعم عليه محمد على بنظارة  أوقاف الامام الشافعي ونظارة  وقف سِنان باشا ببولاق، وكذلك طلب ما كان متبقياً له  من راتبه من الغلال نقدا أو عيناً لمدة أربع سنوات، فأمر محمد علي بدفعها اليه نقدا من خزانة الحكومة .

 

عمر مكرم في المنفى

عاش الشيخ النقيب في دمياط تحت المراقبة أربع سنوات إلى أن تمكنّ شيخ قضاة مصر  صديق أفندي أن يشفع له عند محمد علي باشا، وانتقل إلى طنطا ،  وبقي بها حتى ديسمبر سنة 1818م ،  وعندما تقدّم بطلب أن يؤدي فريضة الحج ،  سمح له محمد على  بالحضور إلى القاهرة  في منزله حتى موسم الحج .  

عودة إلى البداية

وُلد الشيخ النقيب في أسيوط بصعيد مصر عام 1750م ، وبعد فترة طفولته إنتقل إلى القاهرة ليدرس في الأزهر ، وبعد نهاية فترة دراسته ، عاش حياته شيخاً داراساً ، قريباً من الناس حاملاً هموم بلده وشعبه ، حتى وصل إلى منصب نقيب الأشراف عام 1793م .

 

صفحات من جهاده ضد ظلم المماليك و الحملة الفرنسيّة

 ظل عمر مكرم طوال حياته مجاهداً ضد الظلم ومحارباً في سبيل حرية وطنه ، وقد سجّل له التاريخ سيرة عطِرة خلال جهاده وقيادته للحركة الشعبية ضد ظلم المماليك ، في عهد مراد بك وابراهيم بك ، حيث استمر فى المطالبة برفع الضرائب عن كاهل الناس .

وعندما دخل الفرنسيون مصر عام 1798م ، مارس دوره في الكفاح وقاد الجماهير في القتال إلى جانب المماليك ضد الحملة الفرنسيّة ، حتى سقطت القاهرة في يد الفرنسيين ، وهنا حاول الفرنسيون ضمه إلى صفوفهم عرضوا عليه عضوية الديوان العام ، لكنه رفض

وهرب من مصر كلها ، ثم عاد وأظهر أمام العامة والجميع أنه سيعتزل العمل العام ، في حين كان يُنسِّق مع علماء الأزهر الشريف للقيام بثورة ضد المُحتل الفرنسي .

ونجح مع رجال الأزهر فى إشعال اثلورة التي عُرفت بثورة القاهرة الثانية عام 1800م

في عهد القائد كليبر بعد عودة نابليون إلى فرنسا، وبعد أن تمكن كليبر من إخماد الثورة هرب مرة أخرى إلى مصر خوفاً من انتقام الفرنسيّين الذين قاموا بمصادرة أملاكه. وظل النقيب الشيخ خارج مصر حتى رحلت الحملة الفرنسيّة عام 1801م.

  

النهاية


عاد عمر مكرم إلى مصر وعاش في القاهرة وعلى الرغم من تقدمه في العمر ، واصبح شيخاً كبيراً ، لم يأمن محمد على جانبه ، وعاش في منزله في مصر القديمة في ساحل اثر النبي .

وفي عام 1822م قامت بعض الجماهير بمظاهرات ضد ضرائب جديدة فرضها محمد على

وعلى الرغم أن عمر مكرم كان لادخل له فى تلك المظاهرات ، إلاّ أن محمد على أمر بمغادرته القاهرة إلى طنطا منفياً مرة ثانية ، وفي ذلك العام 1822م وافته المنيّة ، ليرحل عن عالمنا بعد حياة مليئة بالجهاد والكفاح والوطنيّة.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -